فأخبرت زينب النبي بقبولها الزواج من زيد بن حارثة، وهكذا تم الزواج برضا زينب،
نزولا عند رغبة الرسول، وخضوعا لحكم الله تعالى، فكيف يطمع الرسول
في زينب وهو الذي اقترح واختار زواجها لزيد أساساً؟
إن الفائدة من هذا الزواج أن الرسول أراد وبأمر من الله كسر العادات والتقاليد
الخاطئة، والتي كانت تمنع زواج العبيد المعتقين من بنات العائلات المعروفة
، وبالفعل فقد تحقق للنبي العظيم ما أراد، وتمكن من تطبيق المساواة
بصورة عملية بين أفراد المجتمع الإسلامي
وبعد ذلك فقد شاء الله عز وجل ولا مردّ لمشيئته أن يطلّق زيد بن حارثة زوجته
حينما تعذّر استمرار الحياة الزوجية بينهما على الوجه المطلوب، ومضت سنة الله في خلقه أن ما رسخ في النفوس بحكم العادة لا يسهل التخلص منه، فقد كانت عادة التبني لا تزال قائمة في نفوس الناس، وليس من السهل التغلب على الآثار المترتبة عليها، ومن أهم هذه الآثار أن الأب لا يتزوج امرأة من تبناه بعد وفاته، أو طلاقه لزوجته، فاختار الله تعالى النبي لهذه المهمة الصعبة، وأمره بالزواج من زينب بنت جحش بعد طلاقها من زيد.
وبعد أن تزوج النبي من زينب رضي الله عنها، أثار هذا الزواج أحاديث وأقاويل كثيرة من قبل المشركين والمنافقين، فقد قالوا: تزوج محمد زوجة ابنه زيد بعد أن طلقها، كما وأن للمستشرقين ومن شايعهم في العصر الحاضر أحاديث في هذا الموضوع، فاتخذوا من هذه الحادثة ذريعة للطعن في رسول الله.
ولكن يتبين أن السبب في طلاق زيد لزينب هو ما كان بينهما من خلافات، وأنه لم يكن بينهما وئام يؤمل معه أن تبقى الحياة الزوجية بينهما، فطلقها بمحض اختياره ورغبته، وكان رسول الله ينهاه عن ذلك، وقد كان الله عز وجل قد أعلم نبيه أن زيداً سيطلق زينب، وأنها ستكون زوجة له، وأنه كان يُخفي هذا ويخشى من كلام الناس، أنه تزوج مطلقة من كان يُدعى إليه، فعاتبه ربه على ذلك. وفي هذا نزل قول الله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّه َ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.. صدق الله العظيم
ربما يقول البعض إن الدافع الذي جعل هذه السيدة تجادل رسول الله في الحكم الذي
أصدره بالتفريق بينها وبين زوجها بعد أن قال لها الزوج "أنت عليّ كظهر أمي" وكان
هذا عند العرب مدعاة للتفريق فوراً ليس حبها في زوجها ولكن رغبة منها في عدم
ضياع أبنائها ومصلحتهم، لكنها رغم ذلك ضربت مثلاً قوياً لما يجب أن تكون عليه
المرأة من دفاع عن بيتها وعن أسرتها بكل ما أوتيت به من قوة وحيلة، ولا تستسلم
لأي عقبة، وتضع بيتها دائماً في المقام الأول، مع الحرص أيضاً على إرضاء
الله تعالى والثقة في رحمته، وهذه قصتها:
"خولة بنت ثعلبة" هي صحابية جليلة من الصحابيات اللاتي يعتبرن قدوة للمؤمنات،
زوجها هو "أوس بن الصامت" شقيق "عبادة بن الصامت" وهما صحابيان جليلان.
وهي من الأنصار الذين أنعم الله عليهم بالإسلام والتقوى، وقد نافست نساءُ
الأنصار الرجالَ في الأجر والثواب، وقالت عنهن أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها: "رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر
دينهن، وأن يتفقهن في الدين". كانت الأنصاريات مجاهدات آمنّ بالإسلام، وبأنه إنما جاء ليرفع الظلم
عن المظلومين وخاصة المرأة؛ لذلك لما غضب منها زوجها وقال لها:
"أنت عليّ كظهر أمي"؛ أي حرّم على نفسه معاشرتها زوجياً، مثلها مثل أمه،
وبذلك تصبح أسيرته لا هي زوجته ولها حقوق الزوجة ولا هي مطلقته يمكنها
أن تبدأ حياتها من جديد. ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال، ثم دخل عليها يريدها عن نفسها، ولكنها امتنعت حتى تعرف ما لها وما عليها شرعاً في مثل هذا الحدث، وقالت: "كلا والذي نفس خولة بيده، لا تخلصن إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه".
فذهبت خولة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلست معه في حضرة أم المؤمنين عائشة وقصت عليه قصة زوجها الذي حرمها على نفسه وحرمها من حقها الشرعي بقوله: "أنت علىّ كظهر أمي". فلما سمع منها -صلى الله عليه وسلم- قال لها: "ما أمرنا في أمرك بشيء ما أعلمك إلا قد حرمت عليه"، فظلت خولة رضي الله عنها تجادل النبي صلى الله عليه وسلم، وتشرح له ما لحق بها من أذى وظلم هي وأولادها نتاج ما فعله زوجها، ونبي الله يرد عليها في كل مرة بنفس الجواب: "ما أعلمك إلا قد حرمت عليه" ، فأصاب "خولة" اليأس، فرفعت يدها للسماء وهي تبكي وتشتكي إلى الله أن يفرج كربها ويجعل لها من همها هذا مخرجا وقالت: "اللهم إني أشكو إليك ما نزل بي من ظلم". فأخذتها عائشة -رضى الله عنها- لتهدئ من روعها فلم يمضِ وقت حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ"خولة": يا خويلة لقد أنزل فيك وفي صاحبك (زوجك) قرآناً وقرأ عليها قول الله تبارك وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
ورغم أن العقوبة مغلّظة للمُظاهر (وهو الذي يظاهر امرأته أي يجعلها كظهر أمه ويحرمها على نفسه)؛ حتى لا يكرر ما فعل فإن الإسلام يسر وليس عذابا وتشددا.
فلما قالت "خولة" إن زوجها لا يملك من المال ما يعتق به رقبة، وإنه شيخ كبير لا يستطيع الصيام المتتابع لشهرين، وإنه لا يملك ما يطعم به ستين مسكينا تبرع له نبي الرحمة بمكيال من التمر وتبرعت "خولة" بمثله، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقى به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً " ففعلت. [رواه أبو داوود].
رحم الله "خولة بنت ثعلبة" التي جادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله من فوق سبع سماوات حكمه الذي يمنع به تهديد المرأة بالظهار، واحتباسها بدون حق، وجعل المظاهر إما مفارقا أو عائدا في قوله مثل زوج "خولة"، وجعل عقوبة من يفعل هذا مشددة للحرص على سلامة الأسرة وعدم تعريضها لأهواء ومشاعر مؤقتة تهدد كيانها وتدمر استقرارها
شــــــــوق القـــلوب مديرة المنتدى
عدد المساهمات : 8486 تاريخ التسجيل : 22/08/2010 الموقع : مهبط الأسلام
موضوع: رد: هؤلاء ذكروا فى القرأن الجمعة 14 يناير - 20:22
يسلموووووو ممدوح يعاطيك العافية يارب على التذكير باحسن الصحابة المرسلين
وتقبل تواجدي ودمت برعاية الله
تحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ممدوح ـــــــاتي لك
ممدوح السروى مشرف
عدد المساهمات : 3517 تاريخ التسجيل : 17/01/2010
موضوع: رد: هؤلاء ذكروا فى القرأن السبت 22 يناير - 0:53
شكرا للمرور الكريم
عبدوصفايا عضوذهبي
عدد المساهمات : 468 تاريخ التسجيل : 10/03/2010 العمر : 43 الموقع : http://sofaia-net.hooxs.com
موضوع: رد: هؤلاء ذكروا فى القرأن السبت 22 يناير - 18:44