هبًّ النسيم على البيت الخَرِب
فزقزق الشباك وأوقع عنه ما تَرِب
وانتفض الورق الساقط من السكون
ودار في باحة القصير القديم وما اهتدى
وتحرك الغصن التَعِب
وتلك الشجرة العجوز
أرادت أن تودع الغصن الكئيب
إلا أن ساعته لم تحن
ولم يئن لها عليه ان تنتحب
ورفض الباب الرضوخ للكبر
فما زال يحب الحياة
وما زال فيها يريد أن يَسّعد ويَكتئب
ذلك القصر القديم .. وذاك ما فيه
وساكنه القديم عاد .. أضناه البعد
ما عاد يريد ان يَغترِب
قد ملّ رسائل تُكتب ولا لها من مجيب
وملّ أشواقًا في دفتره تموت
وليالي حزنٍ وكآبةٍ من عمره تفوت
أراد رؤية الحبيب .. أو من دياره أن يقترب
ذاك المساء .. حين المطر انهمر
والشموع والدخان .. أحس الاختناق
حين فاضت الدموع وتفجرت الأشواق
حين في دفتره إلى الحبيب كتب
مهما كنتُ وفي أيّ مكان أراكِ
في الفجر .. في غسق الليل .. وفي النجوم
أنتِ ومهما كنتِ بعيدةً وغريبةً .. أراكِ في كل الوجود
سكنتِ قلباً .. وجعلته على صاحبه ينقلب
ذاك المحبُ خرج وحيدا يجوب البلاد بحثا عن وطن
ولكنه أيقن وهو يدور .. ورأى في كل مكان يزور
أن الحزن مكان القلب سكن
فأراد أن يعود إلى ما منه انسحب
ولكّن..
أشجار اللوز ما عادت موجودة
ولا الارجوحة .. او الزهر و العمار
كل ما هناك .. رائحة موت تعم الديار
وبقايا أشجار بقايا بيوت تحتسب
لكّن كل شيء تغير مذ رحل
فالحب مصلوب على قارعة الطريق
والصبح ما عاد على تلك الديار يفيق
وكأن أحدا لسعادة الدنيا نهب
حين عاد جاب الديار ورأى ذلك القلب المنقلب
فسأله : أين الحبيب؟؟ .. فصاح قلب الغريب
اتركني وحيدا .. فقط كما وجدتني
ما عدتُ أريد أن أحب
