قصيدة جميلة للسمؤال ابن عدي
إن الكرام قليل
إذا المرْءُ لم يدنَسْ من اللؤمِ عِرْضُه=فكُلُّ رداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وإنْ هوَ لمْ يحْمِلْ على النفسِ ضَيمَها=فليسَ إلى حُسنِ الثناء سَبيلُ
تُعيّرُنَا أنّا قَلِيلٌ عَديدُنَا=فقُلْتُ لها: إنّ الكِرَامَ قلِيلُ
وما قَلّ مَنْ كانتْ بَقاياهُ مِثلَنا=شَبابٌ تَسامَى للعُلى وكُهُولُ
ومَا ضَرّنَا أنّا قَلِيلٌ وجَارُنَا=عَزِيزٌ وجَارُ الأكْثَرِينَ ذَلِيلُ
لنَا جَبَلٌ يَحْتَلُّهُ مَن نُجِيرُهُ=مَنِيعٌ يَرُدُّ الطَّرْفَ وهو كَليل
رَسَا أصلُهُ تَحْتَ الثّرَى وسَما بهِ=إلى النَّجْمِ فَرْعٌ لا يُنالُ طَويل
هوَ الأبْلَقُ الفَرْدُ الذي شاعَ ذكرُهُ=يَعِزُّ على مَن رامَهُ ويَطُول
وإنّا لَقَوْمٌ لا نَرَى القَتلَ سُبّةً=إذا ما رأتْهُ عامِرٌ وسَلُولُ
يُقَرّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنَا=وتَكْرَهُهُ آجالُهُمْ فَتَطُولُ
وما ماتَ منّا سيّدٌ حَتْفَ أنفِهِ=ولا طُلّ مِنَّا حيثُ كانَ قتِيلُ
تسيلُ على حدّ الظُّباتِ نُفوسُنا=ولَيْسَتْ على غَيرِ الظّباتِ تَسِيل
صَفَوْنَا فلمْ نَكْدُرْ وأخلصَ سِرَّنَا=إنَاثٌ أطابَتْ حَملَنا وفُحول
عَدَوْنَا إلى خيرِ الظُّهورِ وحَطّنَا=لوقتٍ إلى خيرِ البطونِ نُزُول
فنحنُ كمَاءِ المُزْنِ ما في نصابِنَا=كَهَامٌ ولا فِينا يُعَدُّ بخِيل
ونُنْكِرُ إنْ شِئْنَا على الناس قوْلَهُمْ=ولا يُنكِرُونَ القَولَ حينَ نَقول
إذا سَيِّدٌ مِنَّا خَلا قامَ سَيِّدٌ=قَؤُولٌ لِما قال الكِرامُ فَعُول
وما أُخمِدَتْ نارٌ لنا دونَ طارِقٍ=ولا ذَمّنَا في النّازلِينَ نَزيل
وأيّامُنا مَشهورةٌ في عَدُوّنَا=لهَا غُرَرٌ مَعْلُومَةٌ وحُجُول
وأسيافُنا في كلّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ=بها مِنْ قِراعِ الدّارعينَ فُلول
مُعَوَّدَةٌ ألاّ تُسَلّ نِصالُهَا=فتُغْمَدَ حتى يُسْتَبَاحَ قَبيل
سَلي إنْ جَهِلْتِ النّاس عنّا وعنهُمُ=فليس سواءً عالِمٌ وجَهول
فإنّ بني الرّيّانِ قطبٌ لقومِهِمْ=تَدُورُ رَحاهُمْ حَولَهم وتجول