حدَّث بعض جلساء الملك عبد الملك بن عبد العزيز الماجَشُون ، قال : خرجت إلى بستان لى بالغابة . فلما دخلت فى الصحراء وبعدت عن البيوت ، تعرَّض لى رجل فقال : اخلع ثيابك ! فقلت :وما يدعونى إلى خلع ثيابى ؟ قال : أنا أولى بها منك . قلت : ومن أين ؟ قال : لأنى أخوك وأنا عُريان وأنت مكسوّ . قلت : فأعطيك بعضها . قال : كلا قد لبستها كلها وأنا أريد أن ألبسها كما لبستها . قلت : فتعرِّينى وتبدى عورتى ؟ قال : لا بأس بذلك ، فقد روينا عن الإمام مالك أنه قال : لا بأس للرجل أن يغتسل عرياناً . قلت : فيلقانى الناس فيرون عورتى ؟ قال : لو كان الناس يرونك فى هذه الطريق ما عرضت لك فيها . قلت أراك ظريفاً ، فدعنى حتى أمضى إلى بستانى وأنزع هذه الثياب فأوجِّه بها إليك . قال : كلا ، أردت أن توجِّه إلىَّ أربعة من عبيدك فيحملونى إلى السلطان فيحبسنى أو يمزق جلدى . قلت : كلا ، أحلف لك أيماناً أنى أفى لك بما وعدتك ولا أسوءك . قال : كلا ، فقد روينا عن الإمام مالك أنه قال : لا تلزم الأيمان التى يُحلف بها للصوص . قلت : فأحلف أنى لا أختل فى أيمانى هذه . قال : هذه يمين مركبة على أيمان اللصوص قلت : فدع المناظرة بيننا فوالله لأوجهن إليك هذه الثياب طيِّبة بها نفسى . فأطرق ثم رفع رأسه وقال : تدرى فيم فكرت ؟ قلت : لا قال : تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئة ، وأنا أكره أن أبتدع فى الإسلام بدعة يكون علىَّ وزرها ووزر من عمل بها بعدى إلى يوم القيامة . اخلع ثيابك ! فخلعتها ودفعتها إليه ، فأخذها وانصرف